بعناه …على ربنا الله سبحانه

قيل عن:

محمد بن عبد الرحمن الشريدة الذي اشتهر بأعماله الخيرية وحبه للفقراء والمساكين ومساعدة المحتاجين، وكان هو وأخوه منصور مشهورين بإعانة الفقراء وبأبوابهم المفتوحة للمحتاجين، ولن ينسى فضلهم بعد الله في سنة الجوع
حلت بالناس سنة ١٣٢٧ هـ سنة الجوع ورأى محمد الشريدة وأخوه منصور الشوارع يتساقط فيها الناسُ حاضرة وبادية كبارًا وصغارًا رجالًا ونساء يتساقطون من الضعف والجوع، ففكر الشريدة بتوزيع القوت والحبوب والتمر، وأن يلحق الناس في الشوارع وينقذ من لحق به من الموت.
قال محمد لأخيه منصور: أنني بعت المال (التمر) جميعه
قال منصور: هل اشترطت مشورتي؟
قال محمد: نعم أنت أخي وشريكي وقد بعته إلى أجل قريب، وبعيد في وقت واحد.
فاستغرب منصور هذا التناقض وقال: إنني طوع الأمر ورهن الإشارة
فقال محمد: عزمت على بيعه على الله ابتغاء مرضاته وتطهيرًا لأنفسنا من الذنوب بإذن الله.
فقال منصور وأنا كذلك.
فخرج ونادى في الرجال والشباب الأقوياء طلبا للمساعدة، وهرع الناس لهم، فأخبرهم بالأمر وانطلق بهم إلى منزله وجمع مئات الأواني الصغيرة والكبيرة وملأها بالتمر وأحيانًا بالماء والتمر، وبدأوا يهرعون للمنازل وينادون في الشوارع "من أراد الطعام فليأت إلى بيت ابن شريدة".
وعلى من رغم اشتداد الحاجة وارتفاع طلب الناس للطعام، واستعدادهم لدفع كل مايملكونه من أجل لقمةٍ من طعام، لم يتهاون الشريدة بالتوزيع على الناس دون مقابل، ومما ذكر أن أحد التجار حاول أن يثنيه عن هذا العطاء ليبيع ماعنده بأسعار مربحة لكن محمدا أبى ورحب بالجائع والمحتاج، فقال فيهم الشعار ما قالوا:
من مثل إمحمّدْ بالازمان العسيره ... خمسين ليلة واقفٍ يبذل الزادْ
من مثل إمحمّدْ والليالي خطيره ... يشُبّ نارٍ يدهلة كلّ ورّادْ
محمّدْ نظيف القلب صافي السريره ... راع الكرَم والجود هو فَخر الأجواد
وبعد أن لاحظ والدهم ارتفاع سعر المال (التمر) تساءل أبوهم عبدالرحمن عن ذلك فقال: "وش سويتوا بالتمر؟"
فقالوا: بعناه.
قال: "من هو عليه بعتوه؟ "
قالوا: سلمك الله على ربنا الله سبحانه.
قال: نعم البيعة، الله يقبل.
وقد نظم الشاعر ناصر أبو علوان فيما عمله محمد الشريدة وأخوه منصور قصيدة عصماء مؤثرة:

قال الذي ما قال زود ولا زور ... وقول بلا فعل هله يقمحون
أنا شهيد محمد هو ومنصور ... بدفع البلا كل الملا يشهدون
وأنا قصير محمد هو ومنصور ... جيرانهم بصحونهم يرثعون
صغار وكبار وزود هل الدور ... اللي بهن لحقوقهم يرسلون
لي نوخوا ما قالوا الباب مسكور ... الضيف ضيف الله ولا يزعلون .

وهذا الكرم والإثار عرف واشتهر في الجزيرة العربية في ذلك الوقت.