طبيبٌ لا يحمل شهادة الطب

العقيلات، اسم يُطلق على قوافل تسافر في أرض الله الواسعة حاملةً منتجات لتوريدها خارج نجد ومنتجات لاستيرادها..

كان هذا الشاب مسافرًا عن طريق العقيلات في عمر الـ ١٢ سنة فقط، ذهب إلى الكويت بغرض التجارة حتى عاد إلى موطنه “بريدة” وعمره ٢٤ سنة، فوجئ -عندما عاد- بانتشار مرض غريب في أهله وجيرانه وناسه.. مات الكثير منهم وعمي الكثير منهم، يُدعى هذا المرض الذي أصابهم بـ (الجدري).

لم يهدأ للشاب حمد اللهيب بال، حتى أصر على إيجاد علاج للمرض الذي فتك بنجد.

لبث في البصرة يعمل في مستشفى يُدعى بمستشفى المود، وتدرب على أيدي أطباء على كيفية التطعيم وبعض الأدوية ودواعي استعمالها. بعد خمس سنين من العمل في المستشفى جمع الممرض حمد ما لديه من مال واشترى به لقاحات للجدري وعاد إلى نجد بقلبٍ يدعو أن يسهل له الله دربه ويجعل ما يحمل معه شفاءً للناس.

مع الأسف، رغم ما حمله في قلبه من حب وشهامة تجعله يخرج باحثًا عن علاج لما أصاب أهل نجد من مرض فإن بعضهم لم يكونوا مرحبين به؛ فقيل عنه ساحرٌ ومشعوذ.

كيف يمكن لجروح على اليد وصبِّ سائل غير معلوم أن يشفينا من الجدري؟

حتى إن بعضهم كانوا إذا رأوا الممرض حمد اللهيب صُدموا! هل يمكن أن يكون مَن يشفي الجدري بشرًا مثلنا؟

فبعضهم اعتبره ساحرًا ومشعوذًا، وبعضهم اعتبره أعلى من أن يكون بشرًا حتى..

بدأ أهل نجد يسمعون كيف كانت “العملية الغريبة” بما فيها من مشرطٍ ودم ومحلول تشفي الجدري، وكيف أن بعضهم لا يصيبهم الجدري أبدًا بعد استخدامهم لتلك العملية الغريبة.

فأصبحوا يتوجهون إلى الممرض حمد اللهيب بالسر، ويطلبون منه تطعيم أولادهم، فيسألهم لماذا في السر؟ ويقولون نخاف..

بعد فترة من الزمن تقبّله الناس، وأصبح يجول على مدنِ وقرَى نجد بغرض التطعيم، ويحرص على زيارة أهل البادية أيضاً، وفي عام ١٣٦٩هـ تم  تصنيفه كممرض رسمي تابع للدولة.

كان الشغف وحب العلم يملآن قلبه، فعلّم زوجته كيفية التطعيم، وأصبحت تساعده إذا زارَ بيتَه الناس للقاح ولم يكن موجودًا، ودرّس أيضًا ابنته وعلمها ودرَّبها على التوليد والتطعيم. فكان ينشر العلم أيضًا، ولا يحتكره على نفسه رحمة الله عليه